22 _ حدود سنة (265هـ): صدور التوقيع الشريف من الناحية المقدَّسة للنائب الثاني يعزيه فيها بوفاة أبيه عثمان بن سعيد: هو عثمان بن سعيد العَمْري الأسدي، أبو عمرو السمّان العسكري، أوّل السفراء الأربعة، أدرك الامام أبا الحسن الهادي عليه السلام، قال الطوسي رحمه الله: خدَمَهُ عليه السلام وله إحدى عشرة سنة(18)، ثمّ لقي بعده الإمام أبا محمّد العسكري عليه السلام، وسمع منهما الحديث، وتوكَّل لهما، وكان ذا منزلة رفيعة عندهما، وكذا أدرك الإمام المهدي المنتظر عليه السلام، وتولّى السفارة له زمناً قصيراً، وكان جليلاً، عظيم الشأن، وردت روايات متضافرة في مدحه والثناء عليه، منها ما رواه الطوسي رحمه الله بسند صحيح عن أحمد بن إسحاق بن سعد القمّي، قال: دخلت على أبي الحسن علي بن محمّد صلوات الله عليه في يوم من الأيّام، فقلت: يا سيّدي، أنا أغيب وأشهد ولا يتهيَّأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كلّ وقت، فقول من نقبل؟ وأمر من نمتثل؟ فقال لي صلوات الله عليه: (هذا أبو عمرو الثقة الأمين ما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّاه إليكم فعنّي يؤدّيه، فلمَّا مضى أبو الحسن عليه السلام، وصلت إلى أبي محمّد ابنه الحسن العسكري عليه السلام ذات يوم، فقلت له عليه السلام مثل قولي لأبيه، فقال لي: (هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّى إليكم فعنّي يؤدّيه)(19). ومنها ما رواه الكليني رحمه الله بسند صحيح عن أبي علي أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن عليه السلام، قال: سألته، وقلت: من اُعامل أو عمَّن آخذ؟ وقول من أقبل؟ فقال له: (العمري ثقتي، فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي، وما قال لك عنّي فعنّي يقول، فاسمع له وأطع، فإنَّه الثقة المأمون)(20). روى الصدوق رحمه الله عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: خرج التوقيع إلى الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري في التعزية بأبيهرضي الله عنهما، في فصل من الكتاب: (إنّا لله وإنّا إليه راجعون تسليماً لأمره ورضاءً بقضائه، عاش أبوك سعيداً ومات حميداً، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه عليهم السلام، فلم يزل مجتهداً في أمرهم، ساعياً فيما يقرّبه إلى الله عز وجل وإليهم، نضَّر الله وجهه وأقاله عثرته). وفي فصل آخر: (أجزل الله لك الثواب وأحسن لك العزاء، رزئت ورزئنا وأوحشك فراقه وأوحشنا، فسرَّه الله في منقلبه، وكان من كمال سعادته أن رزقه الله عز وجل ولداً مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره، ويترحَّم عليه، وأقول: الحمد لله، فإنَّ الأنفس طيّبة بمكانك وما جعله الله عز وجل فيك وعندك، أعانك الله وقوّاك وعضدك ووفَّقك، وكان الله لك وليّاً وحافظاً وراعياً وكافياً ومعيناً)(21). توفّي في حدود سنة خمس وستّين ومائتين، ودُفن في الجانب الغربي من مدينة بغداد، وقبره هناك إلى الآن.