8 _ سنة (339هـ): إرجاع الإمام المهدي عليه السلام الحجر الأسود في مكانه وإخباره ابن همام بوفاة ابن قولويه بعد ثلاثين عاماً: روي عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: فلمَّا وصلت بغداد في سنة تسع وثلاثين (وثلاثمائة) للحجّ، وهي السنة التي ردَّ القرامطة(17) فيها الحجر إلى مكانه من البيت(18)، كان أكبر همّي الظفر بمن ينصب الحجر، لأنَّه يمضي في أثناء الكتب قصَّة أخذه وأنَّه ينصبه في مكانه الحجّة في الزمان، كما في زمان الحجّاج وضعه زين العابدين عليه السلام في مكانه فاستقرَّ(19). فاعتللت علَّة صعبة خفت منها على نفسي، ولم يتهيَّأ لي ما قصدت له، فاستنبت المعروف بابن هشام، وأعطيته رقعة مختومة، أسأل فيها عن مدَّة عمري، وهل تكون المنيّة في هذه العلَّة أم لا؟ وقلت: همّي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه، وأخذ جوابه، وإنَّما أندبك لهذا. قال: فقال المعروف بابن هشام: لمَّا حصلت بمكّة وعزم على إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكَّنت معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه، وأقمت معي منهم من يمنع عنّي ازدحام الناس، فكلَّما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم، فأقبل غلام أسمر اللون، حسن الوجه، فتناوله ووضعه في مكانه فاستقام كأنَّه لم يزل عنه، وعلت لذلك الأصوات، وانصرف خارجاً من الباب، فنهضت من مكاني أتبعه، وأدفع الناس عنّي يميناً وشمالاً، حتَّى ظُنَّ بي الاختلاط في العقل، والناس يفرجون لي، وعيني لا تفارقه، حتَّى انقطع عن الناس، فكنت أسرع السير خلفه، وهو يمشي على تؤدة ولا أدركه. فلمَّا حصل بحيث لا أحد يراه غيري، وقف والتفت إليَّ فقال: (هات ما معك)، فناولته الرقعة. فقال من غير أن ينظر فيها: (قل له: لا خوف عليك في هذه العلَّة، ويكون ما لا بدَّ منه بعد ثلاثين سنة). قال: فوقع عليَّ الزمع حتَّى لم أطق حراكاً، وتركني وانصرف. قال أبو القاسم: فأعلمني بهذه الجملة. فلمَّا كان سنة تسع وستّين اعتلَّ أبو القاسم فأخذ ينظر في أمره، وتحصيل جهازه إلى قبره، وكتب وصيَّته، واستعمل الجِدَّ في ذلك. فقيل له: ما هذا الخوف؟ ونرجو أن يتفضَّل الله تعالى بالسلامة، فما عليك مخوفة. فقال: هذه السنة التي خوّفت فيها، فمات في علَّته(20).