59 _ سنة (744هـ): استبصار رجل يُدعى عثمان مع اُمّه في الحلَّة ببركة صاحب العصر بعد أن أذهب عن الاُمّ عماها: روى المجلسي رحمه الله عن السيّد علي بن عبد الحميد في كتاب السلطان المفرّج عن أهل الإيمان، قال: حدَّثني الشيخ المحترم العالم الفاضل الحاجّ القارئ شمس الدين محمّد بن قارون المذكور(14)، قال: كان رجل من أصحاب السلطان المعمّر بن شمس يسمّى مذوَّر يَضمن القرية المعروفة ببرس(15) ووقف العلويّين وكان له نائب يقال له: ابن الخطيب، وغلام يتولّى نفقاته يُدعى عثمان، وكان ابن الخطيب من أهل الصلاح والإيمان... بالضدِّ من عثمان وكانا دائماً يتجادلان، فاتَّفق أنّهما حضرا في مقام إبراهيم الخليل(16) بمحضر جماعة من الرعيّة والقُوّام، فقال ابن الخطيب لعثمان: الآن اتَّضح الحقّ واستبان، أنا أكتب على يدي من أتولاّه، وهم عليٌّ والحسن والحسين عليهم السلام، واكتب أنت من تتولاّه أبو بكر وعمر وعثمان، ثمّ تشدُّ يدي ويدك بشدّ، وتوقد ناراً شديدة وتدخل يدي ويدك فأيّهما احترقت يداه بالنار كان على باطل، ومن سلمت يده كان على الحقِّ، فنكل عثمان، وأبى أن يفعل، فأخذ الحاضرون في العياط عليه وكانت اُمُّ عثمان مشرفة عليهم تسمع حديثهم فلمَّا رأت ذلك لعنتهم وشتمتهم وتهدَّدتهم وبالغت في ذلك فعميت في الحال، فلمَّا أحسَّت بذلك نادت إلى رفيقاتها فصعدن إليها فإذا هي صحيحة العين لكن لا ترى بهما شيئاً فقادوها وأنزلوها ومضوا بها إلى الحلَّة، وشاع خبرها بين أصحابها وأقاربها وأترابها فأحضروا لها الأطبّاء من بغداد والحلَّة، فلم يقدروا لها على شيء، فقالت لها نسوة مؤمنات كُنَّ أخدانها: إنَّ الذي أعماكِ هو القائم عليه السلام وإن تشيَّعتِ وتوليتِ وتبرَّأتِ ضمنّا لك العافية على الله تعالى وبدون هذا لا يمكن الخلاص، فأذعنت لذلك ورضيت به، فلمَّا كانت ليلة الجمعة جيء بها حتَّى أدخلنها القبَّة الشريفة في مقام الإمام صاحب الزمان عليه السلام وبتن بأجمعهنَّ في باب القبَّة. فلمَّا كان ربع من الليل فإذا هي قد خرجت عليهنَّ وقد ذهب العمى عن بصرها وهي تقعدهنَّ واحدة بعد واحدة وتصف ثيابهنَّ وحليَّهنَّ، فسررن بذلك، وحمدن الله على حسن العافية، وقلن لها: كيف كان ذلك؟ فقالت: لمَّا جعلتننَّي في القبَّة وخرجتنَّ عنّي أحسست بيد قد وضعت على وجهي وقائل يقول: (اُخرجي فقد عافاك الله)، فانكشف العمى عنّي ورأيت القبَّة قد امتلأت نوراً ورأيت رجلاً فقلت له: من أنت يا سيّدي؟ فقال: (محمّد بن الحسن عليه السلام)، ثمَّ غاب عنّي، فقمنَ وخَرجنَ إلى بيوتهنَّ وتشيَّع ولدها عثمان وحَسُن اعتقاده واعتقاد اُمّه المذكورة واشتهرت القصَّة بين أولئك الأقوام ومن سمع هذا الكلام واعتقد وجود الإمام القائم عليه السلام وكان ذلك في سنة أربع وأربعين وسبعمائة، وصلّى الله على محمّد وآله وسلَّم(17).