15 _ سنة (259هـ): مشاهدة كامل بن إبراهيم المدني للإمام المهدي عليه السلام وعمره أربع سنوات وردّه عليه السلام على المفوّضة: روى الطوسي رحمه الله عن جعفر بن محمّد بن مالك، قال: حدَّثني محمّد بن جعفر بن عبد الله، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري، قال: وجَّه قوم من المفوّضة(22) والمقصّرة(23) كامل بن إبراهيم المدني(24) إلى أبي محمّد عليه السلام، قال كامل: فقلت في نفسي: أسأله لا يدخل الجنَّة إلاَّ من عرف معرفتي وقال بمقالتي. قال: فلمَّا دخلت على سيّدي أبي محمّد عليه السلام نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: وليّ الله وحجَّته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة الإخوان وينهانا عن لبس مثله. فقال متبسّماً: (يا كامل)، وحسر عن ذراعيه فإذا مسح أسود خشن على جلده، فقال: (هذا لله وهذا لكم)، فسلَّمت وجلست إلى باب عليه ستر مرخى، فجاءت الريح فكشفت طرفه فإذا أنا بفتى كأنَّه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها. فقال لي: (يا كامل بن إبراهيم)، فاقشعررت من ذلك واُلهمت أن قلت: لبّيك يا سيّدي، فقال: (جئت إلى وليّ الله وحجَّته وبابه تسأله هل يدخل الجنَّة إلاَّ من عرف معرفتك وقال بمقالتك؟)، فقلت: إي والله، قال: (إذن والله يقلُّ داخلها، والله إنَّه ليدخلها قوم يقال لهم: الحقّية)، قلت: يا سيّدي، ومن هم؟ قال: (قوم من حبّهم لعلي يحلفون بحقّه ولا يدرون ما حقّه وفضله). ثمّ سكت صلوات الله عليه عنّي ساعة، ثمّ قال: (وجئت تسأله عن مقالة المفوّضة، كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيّة الله، فإذا شاء شئنا، والله يقول: (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (الإنسان: 30))، ثمّ رجع الستر إلى حالته فلم أستطع كشفه، فنظر إليَّ أبو محمّد عليه السلام متبّسماً فقال: (يا كامل، ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجَّة من بعدي؟)، فقمت وخرجت ولم اُعاينه بعد ذلك. قال أبو نعيم: فلقيت كاملاً فسألته عن هذا الحديث فحدَّثني به. وروى هذا الخبر أحمد بن علي الرازي، عن محمّد بن علي، عن علي بن عبد الله بن عائذ الرازي، عن الحسن بن وجناء النصيبي، قال: سمعت أبا نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري، وذكر مثله(25). ورواه الطبري الشيعي رحمه الله عن أبي الحسين محمّد بن هارون بن موسى بن أحمد، عن أبيه، عن محمّد بن همّام، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن جعفر، عن أبي نعيم(26).